أنهاكم عن شيء وأرتكبه، كما لا أترك ما أمرتكم به. وهكذا فإن فعل النبي مطابق لقوله؛ لأنه الأسوة الحسنة، ولا يعقل غير ذلك.
والخلاصة: إنه تعالى لما آتاني جميع السعادات الروحانية والجسمانية، وهي المال والرزق الحسن، فهل يسعني مع هذا الإنعام العظيم أن أخون في وحيه، وأن أخالفه في أمره ونهيه.
٧ - دلّ قوله:{وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً} على أن ذلك الرزق إنما حصل من عند الله تعالى وبإعانته، وأنه لا مدخل للكسب فيه، وفيه تنبيه على أن الإعزاز من الله تعالى، والإذلال من الله تعالى، وإذا كان الكل من الله فإن شعيبا أراد القول لهم: فأنا لا أبالي بمخالفتكم، ولا أفرح بموافقتكم، وإنما أقرر دين الله، وأوضح شرائعه.
٨ - التهديد والإنذار بالعذاب قبل وقوعه رحمة بالناس ولطف بهم، لعلهم يرعوون ويرجعون من قريب إلى الله تعالى وإلى طاعته، وإلى توحيده، والتخلص من الشرك والوثنية. وقد أنذر شعيب عليه السّلام قومه أهل مدين بقوله: لا يكسبنكم معاداتي أن يصيبكم عذاب الاستئصال في الدنيا، مثل ما حصل لقوم نوح عليه السّلام من الغرق، ولقوم هود من الريح العقيم، ولقوم صالح من الرجفة، ولقوم لوط من الخسف، وكانوا حديثي عهد بهلاك قوم لوط.
٩ - الاستغفار والتوبة من الذنوب الماضية والتصميم على عدم العود إلى مثلها في المستقبل طريق النجاة والأمن من العذاب؛ لأن الله عظيم الرحمة كثير الودّ والمحبة لعباده لينقذهم من العقاب.
روي عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه كان إذا ذكر شعيبا قال:«ذاك خطيب الأنبياء».
١٠ - بعد أن يئس الكفار أهل مدين من تحقيق مآربهم عن طريق التهكم