الشر فهو من أهل الشقاوة، ومن أريد له الخير فعمل الخير، فهو من أهل السعادة، وكل ميسر لما خلق له.
روى الترمذي والحافظ أبو يعلى في مسنده عن عمر قال: لما نزلت:
{فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} سألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، علام نعمل؟ على شيء قد فرغ منه، أم على شيء لم يفرغ منه؟ فقال: «على شيء قد فرغ منه يا عمر، وجرت به الأقلام، ولكن كل ميسّر لما خلق له، وقرأ:{فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى، وَأَمّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى}[الليل ٥/ ٩٢ - ١٠].
ثم بيّن الله تعالى حال الأشقياء وحال السعداء فقال عن الفريق الأول:
{فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا.}. أي فأما الأشقياء فهم في جهنم مستقرهم ومثواهم، بسبب اعتقادهم الفاسد وعملهم السيء، لهم من الهم والكرب وضيق الصدر زفير وشهيق، تنفسهم زفير، وإخراجهم النّفس، وشهيق، لما هم فيه من العذاب، كما ذكر ابن كثير، مع أن الزفير في العادة هو إخراج النّفس، والشهيق: ردّه.
{خالِدِينَ فِيها.}. أي ماكثين فيها على الدوام، مدة بقاء السموات والأرض، والمراد التأبيد ونفي الانقطاع، على سبيل التمثيل وقول العرب:
أفعل كذا أو لا أفعله ما أقام ثبير، وما لاح كوكب، وما تغنّت حمامة. ويجوز أن يكون المراد سماء الآخرة وأرضها، وهي دائمة مخلوقة للأبد، والدليل على أن للآخرة سموات (ما هو فوق الخلائق) وأرض (ما هم مستقرون عليه) وقوله:
{وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ}[الزمر ٧٤/ ٣٩] ولأنه لا بد لأهل الآخرة مما يقلّهم ويظلهم، وكل ما أظلك فهو سماء. قال ابن عباس: لكل جنة أرض وسماء.