(رع) والعجل (أبيس) والفراعنة (حكام مصر) فهؤلاء لا يرجون ثوابا ولا عقابا في المعاد، وهم كافرون بالآخرة والحساب والجزاء على الوجه الصحيح الذي دعا إليه الأنبياء، كالاعتقاد بأن الفراعنة يعودون إلى الآخرة بأجسامهم المحنطة، ويكون لهم فيها الحكم والسلطان، كما كانوا في الدنيا. وتكرير لفظ {هُمْ} للتأكيد وبيان اختصاصهم بالكفر، ولمبالغتهم في إنكار المعاد.
وقد هجرت طريق الكفر والشرك، وتركت ملة الكافرين الذين لا يصدقون بالله ولا يقرون بوحدانيته، وأنه خالق السموات والأرض، واتبعت ملة آبائي الأنبياء المرسلين: إبراهيم وإسحاق ويعقوب الذين يدعون إلى التوحيد الخالص. وتعبيره {آبائِي} مفيد أن الجد أب، وأنه من بيت النبوة، بعد أن عرفهما أنه نبي يوحى إليه لإخباره بالمغيبات، ليقوي رغبتهما في الاستماع إليه واتباع قوله.
وهكذا يكون حال من سلك طريق الهدى، واتبع طريق المرسلين، وأعرض عن طريق الضالين، فإن الله يهدي قلبه، ويعلمه ما لم يكن يعلم، ويجعله إماما يقتدى به في الخير، وداعيا إلى سبيل الرشاد. وذلك ترغيب بالإيمان بالله وتوحيده.
ثم قرر منهج الأنبياء بصفة عامة، فقال: ما صح لنا وما ينبغي لنا معشر الأنبياء أن نشرك بالله، أي شيء كان، من ملك أو جني أو إنسي، فضلا عن أن شرك به صنما أو وثنا لا يسمع ولا يبصر.
ذلك التوحيد، وهو الإقرار بأنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو من فضل الله علينا، إذ هدانا إلى الإقرار بوجوده وتوحيده في ربوبيته وألوهيته، وعلى الناس بإرسالنا إليهم، ننبههم إلى الصواب ونرشدهم إليه، ونبعدهم عن طريق الضلال، فهو فضل إلهي على الرسل وعلى المرسل إليهم.