صلّى الله عليه وسلّم:«ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم، فلينظر بم ترجع» وأشار بالسبابة.
وأخرج الترمذي عن ابن مسعود قال:«نام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حصير، فقام وقد أثّر في جنبه، فقلنا: يا رسول الله، لو اتخذنا لك، فقال: ما لي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها».
ولما أوضح تعالى أن المشركين اغتروا بمتاع الحياة الدنيا، وطمست المادة على مشاعرهم وقلوبهم، ذكر ما ترتب على الغرور والتأثر بالمادة، فطلبوا من النبي صلّى الله عليه وسلّم آية واحدة مادية تدل على صدق نبوته، لعدم إيمانهم بكون القرآن معجزة مصدقة، وبرهانا قاطعا على ذلك؛ لأنهم قوم ماديون، لا مجال لمخاطبة العقل لديهم، والقائل: عبد الله بن أبي أمية وأصحابه، فقال تعالى حاكيا اقتراحهم:
{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا.} ..
أي ويطلب أهل مكة المشركون قائلين: هلا أنزل على محمد آية أو معجزة قاهرة ظاهرة مادية مثل معجزات موسى وعيسى عليهما السلام، كقولهم:
جاء في الحديث:«إن الله أوحى إلى رسوله، لما سألوه أن يحول لهم الصفا ذهبا، وأن يجري لهم ينبوعا، وأن يزيح الجبال من حول مكة، فيصير مكانها مروج وبساتين: إن شئت يا محمد أعطيتهم ذلك، فإن كفروا أعذبهم عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين، وإن شئت فتحت عليهم باب التوبة والرحمة، فقال: بل تفتح لهم باب التوبة والرحمة».
ورد الله عليهم بأن إنزال الآيات لا يؤثر في هداية ولا ضلال، بل الأمر كله بيد الله:{قُلْ: إِنَّ اللهَ يُضِلُّ.}. أي ما أعظم عنادكم وما أشد تصميمكم على كفركم، فلا فائدة لكم في نزول الآيات، إن لم يرد الله هدايتكم، فمن كان على