صفتكم من التصميم والعناد في الكفر، فلا سبيل إلى اهتدائكم، وإن أنزلت كل آية، فإن الضلال والهداية بيد الله، والله يضل من يشاء، أي كما أضلكم بعد ما أنزل من الآيات، وحرمكم الاستدلال بها، يضلكم عند نزول غيرها، ويهدي إليه من أناب، أي رجع عن العناد وأقبل على الحق أو الإسلام أو الله عز وجل، فهاء {إِلَيْهِ} عائد إلى واحد من المذكورات؛ على تقدير: ويهدي إلى دينه وطاعته من رجع إليه بقلبه.
ثم ذكر الله تعالى من يستحقون الهداية:{الَّذِينَ آمَنُوا.}. أي يهدي الله الذين صدقوا بالله ورسله، وسكنت قلوبهم إلى توحيد الله ووعده، أنسا به، واعتمادا عليه، ورجاء منه، ألا بتذكر الله، وتأمل آياته، ومعرفة كمال قدرته عن بصيرة، تطمئن قلوب المؤمنين، ويذهب القلق والاضطراب عنهم، بما وقر في تلك القلوب من نور الإيمان، كما قال تعالى:{ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ}[الزمر ٢٣/ ٣٩] والمؤمن إذا تذكر عقاب الله، خاف، كما قال:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}[الأنفال ٢/ ٨] وإذا تذكر المؤمن وعده تعالى بالثواب والرحمة، اطمأن قلبه وهدأت نفسه:{وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ، زادَتْهُمْ إِيماناً، وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الأنفال ٢/ ٨].
ثم أبان الله تعالى جزاء المؤمنين فقال:{الَّذِينَ آمَنُوا.}. أي للذين آمنوا وعملوا الصالحات العيش الطيب والنعمة والخير وحسن الثواب، وحسن المرجع.