للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَزِيزٌ} [المجادلة ٢١/ ٥٨] وقال: {إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ} [غافر ٥١/ ٤٠] وآية {فَلا تَحْسَبَنَّ} هنا هي تقرير وتأكيد لهاتين الآيتين، أي من نصرتكم في الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد.

{إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ} أي إن الله ذو عزة وقدرة لا يعجزه ولا يمتنع عليه شيء أراده، وشاء عقوبته، وهو ذو انتقام ممن كفر به وجحده، أو أشرك معه إلها آخر. وهذه خاتمة مناسبة للآية، تؤكد الحرص على إنجاز الوعد للرسل.

ثم ذكر تعالى وقت انتقامه فقال: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ.}. أي إن الله تعالى ذو انتقام من أعدائه، ووعده هذا حاصل يوم تبدل الأرض غير الأرض، فتصبح على غير الصفة المألوفة المعروفة، وتبدل أيضا السموات غير السموات، أما الأرض الحالية فتصبح كالدخان المنتشر، وأما السموات فتتبدد كواكبها وشمسها وقمرها.

جاء في الصحيحين عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقيّ، ليس فيها معلم لأحد».

وروى أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه عن عائشة قالت: «سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن هذه الآية: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ}:

أين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال: على الصراط‍».

واختلف العلماء في تبديل الأرض والسموات، فقيل: تبدّل أوصافها فتسيّر عن الأرض جبالها، وتفجّر بحارها وتسوّى، فلا يرى فيها عوج ولا أمت (١)،


(١) الأمت: المكان المرتفع والتلال الصغار، والانخفاض والارتفاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>