للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عباس: هي تلك الأرض، وإنما تغير. وتبدل السماء بانتثار كواكبها وكسوف شمسها وخسوف قمرها وانشقاقها.

وقيل: يخلق بدلها أرضا وسموات أخر، عن ابن مسعود وأنس: «يحشر الناس على أرض بيضاء، لم يخطئ عليها أحد خطيئته» (١).

والعلماء يقررون أن الأرض والكواكب كانت كتلة ملتهبة في الفضاء، ثم انفصلت عنها الشمس والكواكب السيارة، ثم الأرض، ثم الأقمار. وستنحل هذه المجموعة، وتكون سموات غير هذه السموات، وأرض غير هذه الأرض.

{وَبَرَزُوا لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ} أي وخرجت الخلائق جميعها من قبورهم انتظارا لحكم الله الوحد، الذي قهر كل شيء وغلبه، كما قال تعالى: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ؟ لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ} [غافر ١٦/ ٤٠] وفي هذا تهويل وتخويف.

ولما وصف الله تعالى نفسه بكونه قهارا، أبان عجز الناس وذلتهم أمامه، وذكر من صفاتهم:

١ - كون المجرمين مقرنين في الأصفاد، أي ترى يا محمد المجرمين وهم الذين أجرموا بكفرهم وفسادهم مقيدين بعضهم إلى بعض في الأغلال أو القيود، فيجمع بين النظراء أو الأشكال، كل صنف إلى صنف، كما قال تعالى: {اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ} [الصافات ٢٢/ ٣٧] وقال: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} [التكوير ٧/ ٨١] أي تقرن نفوس المؤمنين بالحور العين، ونفوس الكافرين بالشياطين وقال: {فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ} [الشعراء ٩٤/ ٢٦].

٢ - {سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ} أي قمصهم من القطران، والمراد أن جلود أهل النار تطلي بالقطران، حتى تصبح كالسرابيل، ليحصل بسببها أربعة أنواع


(١) الكشاف: ١٨٥/ ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>