من العذاب: لذع القطران وحرقته، وإسراع النار في جلودهم، واللون الوحش، ونتن الريح. وأيضا التفاوت بين قطران القيامة وقطران الدنيا كالتفاوت بين النارين.
٣ - {وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النّارُ} أي تحيط النار بأجسامهم، وإنما ذكرت الوجوه؛ لأنها أشرف الأعضاء وأعزها، مثل قوله تعالى:{تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النّارُ، وَهُمْ فِيها كالِحُونَ}[المؤمنون ١٠٤/ ٢٣] وقوله: {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ}[الزمر ٢٤/ ٣٩] وقوله: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ، ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ}[القمر ٤٨/ ٥٤].
ثم بين الله تعالى سبب الجزاء فقال:{لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ} أي أنه تعالى فعل كل ذلك ليجزي يوم القيامة كل شخص بما يليق بعمله وكسبه، من خير أو شر، فيعاقب المجرمين أو الكفار على كفرهم ومعصيتهم، ويثيب المؤمنين على إيمانهم وطاعتهم، كما قال تعالى:{لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا، وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى}[النجم ٣١/ ٥٣].
ثم قال سبحانه:{إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ} أي إنه تعالى يحاسب جميع العباد بسرعة وهي في قدر نصف نهار من أيام الدنيا، كما جاء في الحديث، ولا يظلم الناس ولا يزيد في عقابهم الذي يستحقونه، وهو سريع الإنجاز؛ لأنه يعلم كل شيء ولا تخفى عليه خافية، وإن جميع الخلق بالنسبة إلى قدرته كالواحد منهم، كقوله تعالى:{ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ}[لقمان ٢٨/ ٣١]، وهو سريع الإحصاء.
ثم قال تعالى:{هذا بَلاغٌ لِلنّاسِ} أي هذا القرآن بلاغ للناس أي تبليغ وكفاية في الموعظة، كما قال تعالى:{لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}[الأنعام ١٩/ ٦] أي هو بلاغ لجميع الخلق من إنس وجن.