{وَإِنّا لَصادِقُونَ} وهذا تأكيد آخر، أي وإنا لصادقون فيما أخبرناك به، من هلاكهم ونجاتك مع أتباعك المؤمنين.
وإنما وصفوا مهمتهم بهذا الوصف، ولم يصرحوا بعذابهم، لإفادة تحقق عذابهم، وإثبات صدقه عليه السلام فيما دعاهم إليه.
ثم جاءت مرحلة التنفيذ وبيان خطة النجاة للوط وأتباعه، فقالوا له:
{فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} أي فسر بأهلك بعد مضي جزء من الليل، وأهله: ابنتاه فقط {وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ} أي وامش وراء أهلك ليكون أحفظ لهم.
{وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ} أي إذا سمعتم الصيحة بالقوم، فلا تلتفتوا إليهم، وذروهم فيما أصابهم من العذاب والنكال، حتى لا يرق قلبه لهم.
وأكدوا النهي بقوله:{وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} أي سيروا بأمر ربكم غير ملتفتين إلى ما وراءكم، إلى الشام، كما قال ابن عباس، أو حيث يوجهكم جبريل الذي أمرهم أن يمضوا إلى قرية معينة، لم يعمل أهلها مثل عمل قوم لوط.
وأوحى الله إليه أن التنفيذ سريع الحصول فقال:{وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ} أي وأوحينا إليه أو تقدمنا إليه أن أمر هلاكهم مقضي قضاء مبرما، وأن آخر هؤلاء وأولهم مستأصل وقت الصباح، كقوله في الآية الأخرى:{إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ، أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}[هود ٨١/ ١١]. فقوله:{دابِرَ هؤُلاءِ} يعني آخرهم، أي يستأصلون عن آخرهم، حتى لا يبقى منهم أحد.
ثم ذكر الله تعالى في ثنايا القصة ما عزم عليه قوم لوط من الإساءة لهؤلاء