للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا كله، وهم غافلون عما يراد بهم، ويحيط‍ بهم من البلاء، وماذا يصبحهم من العذاب المستقر، لهذا قال تعالى لمحمد صلّى الله عليه وسلّم أو قالت الملائكة للوط‍:

{لَعَمْرُكَ، إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} أي أقسم بحياتك وعمرك وبقائك في الدنيا أيها الرسول-وفي هذا تشريف عظيم ومقام رفيع-إنهم في غوايتهم يتحيرون، فلا يلتفتون إلى نصيحتك، ولا يميزون بين الخطأ والصواب.

و {سَكْرَتِهِمْ} ضلالتهم، و {يَعْمَهُونَ} يترددون أو يلعبون.

قال ابن عباس: ما خلق الله وما ذرأ، وما برأ نفسا أكرم عليه من محمد صلّى الله عليه وسلّم، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره.

ثم أخبر الله تعالى عن نوع عذابهم فقال: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ} أي فنزل فيهم صيحة جبريل عليه السلام: وهي ما جاءهم من الصوت القاصف عند شروق الشمس وهو طلوعها، فقوله {مُشْرِقِينَ} أي داخلين في الشروق وهو بزوغ الشمس. وكان ابتداؤها من الصبح وانتهاؤها حين الشروق، لذا قال أولا {مُصْبِحِينَ} ثم قال هنا {مُشْرِقِينَ}.

وأخذ الصيحة: قهرها لهم وتمكنها منهم، وقد أدت بهم إلى رفع بلادهم إلى عنان السماء، ثم قلبها وجعل عاليها سافلها، وإرسال حجارة السجيل عليهم.

والصيحة: صوت شديد مهلك من السماء.

وهذا ما تضمنه قوله تعالى: {فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها، وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} أي جعلنا عالي المدينة وهو ما على وجه الأرض سافلها أي في أعماقها، فانقلبت عليهم، وأنزل تعالى عليهم حجارة من طين متحجر طبخ بالنار.

يظهر مما سبق أن الآية ذكرت أنه تعالى عذبهم بثلاثة أنواع من العذاب هي:

<<  <  ج: ص:  >  >>