ثم ذكر تعالى العبرة من تلك القصة، فقال:{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} أي إن في ذلك العذاب الواقع بقوم لوط لدلالات للمتأملين المتفرّسين، الذين يتعظون بالأحداث، ويتفهمون ما يكون لأهل الكفر والفواحش من عقاب أليم.
وبالمناسبة:
روى البخاري في تاريخه والترمذي وابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو نعيم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري مرفوعا قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله» ثم قرأ النبي صلّى الله عليه وسلّم: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ}.
ثم وجّه تعالى أنظار أهل مكة وأمثالهم إلى الاعتبار بما حدث فقال:
{وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ} أي وإن مدينة سدوم التي أصابها هذا العذاب لبطريق واضح، لا تخفى على المسافرين المارّين بها، فآثارها ما تزال باقية إلى اليوم، في الطريق من الحجاز إلى الشام، كما قال تعالى في آية أخرى:{وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ، وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ}[الصافات ١٣٧/ ٣٧ - ١٣٨]. فقوله:
{لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ} أي بطريق واضح.
{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} أي إن الذي صنعنا بقوم لوط من الهلاك والدمار، وإنجاءنا لوطا وأهله لدلالة واضحة جلية للمؤمنين بالله ورسله، أي إن المنتفعين حقا من مغزى القصة هم المؤمنون الذين يدركون أن العذاب انتقام من الله لأنبيائه. أما غير المؤمنين بالله، فينسبون الدمار للطبيعة والشؤون الأرضية.