ليصير عليهم خطيئة ضلالهم في أنفسهم، وخطيئة إغوائهم لغيرهم، واقتدائهم بهم.
والمراد بقوله تعالى:{كامِلَةً} أنه لا ينقص منها شيء. وقوله تعالى:{بِغَيْرِ عِلْمٍ} على رأي الزّمخشري: حال من المفعول، أي يضلّون من لا يعلم أنهم ضلال، وعلى رأي الرّازي: حال من الفاعل، أي إن هؤلاء الرؤساء يضلّون غيرهم جهلا منهم بما يستحقونه من العذاب الشديد على ذلك الإضلال.
{أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ} أي بئس شيئا يحملونه من الذنب ذلك الذي يفعلون.
فقال صلّى الله عليه وسلّم-فيما رواه أحمد ومسلم وأصحاب السّنن الأربعة عن أبي هريرة-: «من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا».
ثم أبان الله تعالى وجود الشّبه بين الكفار القدامى والجدد في الجرم والعقاب فقال:{قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ.}. أي قد كاد لدين الله ورسله من تقدّمهم من الأمم، واحتالوا بمختلف الوسائل لإطفاء نور الله فأهلكهم الله تعالى في الدّنيا، بأن دمّر مبانيهم من قواعدها، وسقط عليهم السّقف من فوقهم، وأبطل كيدهم، وأحبط أعمالهم، وأطبق عليهم العذاب من كلّ جانب، ومن حيث لا يحسّون بمجيئه ولا يتوقّعون، فاعتبروا يا أهل مكة وأمثالكم. وهذا كله تمثيل لصورة العذاب، ومضمونه إهلاكهم من الله تعالى.
وسبب قوله:{مِنْ فَوْقِهِمْ} مع أن السّقف لا يكون إلا من فوق هو