تأكيد سقوط السقف، وشدّة إطباق العذاب وسقوطه عليهم وهم تحته.
ومعنى إتيان الله: إتيان أمره. وقوله تعالى:{مِنَ الْقَواعِدِ} أي من جهة القواعد أي اجتثه من أصله وأبطل عملهم، وهذا مقابل لقوله تعالى:{مِنْ فَوْقِهِمْ} ليفيد إحاطة العذاب من أعلى ومن أسفل. وقوله تعالى:{مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ} أي من حيث لا يحتسبون ولا يتوقّعون.
وأكثر المفسّرين على أن المراد بقوله تعالى:{قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ.}. هو نمروذ بن كنعان، بنى صرحا عظيما ببابل طوله خمسة آلاف ذراع.
هذا عذابهم في الدّنيا، وأما في الآخرة فهو ما قاله تعالى:
{ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ.}. أي وفي يوم القيامة يخزيهم، أي يظهر فضائحهم وما تخبئه نفوسهم فيجعله علانية، ويذلّهم بعذاب الخزي، كما قال تعالى:{رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ}[آل عمران ١٩٢/ ٣].
ويقول لهم الرّبّ تبارك وتعالى بواسطة الملائكة تقريعا لهم وتوبيخا: أين شركائي في زعمكم واعتقادكم؟ أين آلهتكم التي عبدتموها من دوني؟ أين تلك الآلهة التي كنتم تشاقون أي تعادون وتخاصمون المؤمنين في شأنهم؟ أحضروهم ليدفعوا عنكم العذاب:{هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ}[الشّعراء ٩٣/ ٢٦]، {فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ}[الطارق ١٠/ ٨٦].
فلا يجيب أحد، ويسكتون عن الاعتذار، وتظهر عليهم الحجة الدامغة، ويتبين أنه لا شركاء ولا وجود لهم.
ثم ذكر الله تعالى مقال الذين أوتوا العلم من الملائكة والأنبياء والمؤمنين، وهم سادة الدّنيا والآخرة، والمخبرون عن الحقّ:{قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ.}.
أي قال العلماء المقرّون بالتوحيد: إن الذّلّ والفضيحة والعذاب والهوان محيط