للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف ٢٩/ ١٨]، وقوله تعالى: {قُلْ:}

{آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا} [الإسراء ١٠٧/ ١٧].

ثم أخبر الله تعالى عن قبائح المشركين الذين عبدوا مع الله غيره من الأوثان والأصنام بغير علم، وجعلوا للأنداد نصيبا مما رزقهم الله، فقال تعالى:

١ - {وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ.}. أي ويجعل هؤلاء المشركون للأصنام التي لا يعلمون حقيقتها أنها جماد لا يضرّ ولا ينفع، فهم إذن جاهلون بها، يجعلون لها نصيبا مع الله تعالى، مما رزقناهم من الحرث والأنعام وغيرها يتقرّبون به إلى الله تعالى، ونصيبا يتقرّبون به إليها، كما قال تعالى عنهم: {وَجَعَلُوا لِلّهِ مِمّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً، فَقالُوا: هذا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ، وَهذا لِشُرَكائِنا، فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ، وَما كانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ، ساءَ ما يَحْكُمُونَ} [الأنعام ١٣٦/ ٦].

ثم توعّدهم الله على أفعالهم مقسما بنفسه الكريمة فقال: {تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ} أي أقسم لأسألنكم عن ذلك الذي افتريتموه من الباطل، ولأجازينكم عليه أوفر الجزاء في نار جهنم، كما قال تعالى: {فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر ٩٢/ ١٥ - ٩٣]. وهذا سؤال توبيخ وتأنيب وتقريع لهم على إثمهم وجرمهم.

٢ - {وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَناتِ.}. أي ومن جهل المشركين وإفكهم أنهم جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرّحمن بنات الله، فعبدوها مع الله تعالى، إذ قالت خزاعة: الملائكة بنات الله، كما قال تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً} [الزّخرف ١٩/ ٤٣]، فأخطؤوا خطأ كبيرا، إذ نسبوا إليه تعالى الولد، ولا ولد له، ثم أعطوه أخس القسمين من الأولاد وهو البنات، وهم لا يرضونها لأنفسهم، وإنما يرضون الذّكور، كما قال تعالى: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>