الْأُنْثى، تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى} أي جائرة [النّجم ٢١/ ٥٣ - ٢٢]، وقال تعالى:{أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ: وَلَدَ اللهُ، وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ؟ ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}[الصافات ١٥١/ ٣٧ - ١٥٤]، نزلت في خزاعة وكنانة، فإنهم زعموا أن الملائكة بنات الله تعالى، فكانوا يقولون: ألحقوا البنات بالبنات.
وهنا قال تعالى:{وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ} يعني البنين، أي أنهم يختارون لأنفسهم الذّكور، ويأنفون من البنات التي نسبوها إلى الله تعالى، تعالى الله عما يقولون علوّا كبيرا. وهو كقوله تعالى:{أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ}[الطور ٣٩/ ٥٢].
ثم عاب الله تعالى على العرب تبرمهم بالبنات فقال:{وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى.}. أي وإذا بشّر أحد هؤلاء العرب الذين جعلوا لله البنات بولادة أنثى، ظلّ وجهه مسودّا أي كئيبا من الهمّ، وهو كظيم، أي ساكت من شدّة ما هو فيه من الحزن، يتوارى من القوم، أي يكره أن يراه الناس، من مساءة ما بشّر به، هل يمسك المولود الأنثى على هوان وذلّ وعار وفقر، أم يدفنها في التراب وهي حيّة، وذلك هو الوأد المذكور في قوله تعالى:{وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}[التكوير ٨/ ٨١ - ٩].
{أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ} أي بئس ما قالوا، وبئس ما قسموا، وبئس ما نسبوه إلى الله تعالى، وهو كقوله تعالى:{وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً، ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا، وَهُوَ كَظِيمٌ}[الزخرف ١٧/ ٤٣].
والتبشير عرفا: مختصّ بالخبر الذي يفيد السّرور، إلا أنه بحسب الأصل في اللغة: عبارة عن الخبر الذي يؤثر في تغير بشرة الوجه، وكلّ من السّرور والحزن يوجب تغيّر البشرة.