وروى ابن سعد في طبقاته أن الإسراء كان قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا.
والمكان الذي أسري به منه: هو المسجد الحرام بعينه، كما يدل عليه ظاهر لفظ القرآن،
وما روي عنه صلّى الله عليه وسلم أنه قال:«بينا أنا في المسجد الحرام في الحجر عند البيت، بين النائم واليقظان، إذ أتاني جبريل بالبراق».
وقال الأكثرون: المراد بالمسجد الحرام: الحرم؛ لإحاطته بالمسجد، والحرم كله مسجد، كما قال ابن عباس، وقد أسري به من دار أم هانئ بنت أبي طالب سنة ٦٢١ م.
والمسجد الأقصى بالاتفاق: هو بيت المقدس، وسمي بالأقصى لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام، وكان أبعد مسجد عن أهل مكة في الأرض يعظم بالزيارة.
والأكثرون من المسلمين اتفقوا على أنه أسري بجسد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم. وفي رأي ضعيف: أنه ما أسري إلا بروحه، وذلك محكي عن حذيفة وعائشة ومعاوية. والأصح هو الرأي الأول وأنه تعالى أسرى بروح محمد صلّى الله عليه وآله وسلم وجسده، من مكة إلى بيت المقدس، لأن كلمة العبد في قوله:{بِعَبْدِهِ} اسم للجسد والروح، فوجب أن يكون الإسراء حاصلا لمجموع الجسد والروح، ولأن الخبر المروي عن أنس بن مالك وهو الحديث المشهور المروي في الصحاح عن المعراج والإسراء يدل على الذهاب من مكة إلى بيت المقدس، ثم منه إلى السموات العلا.
والخلاصة: أن الآية هنا دالة قطعا على إثبات الإسراء، وآية سورة النجم دالة على المعراج: وهو العروج والصعود إلى السموات، إلى مستوى سمع فيه صريف الأقلام، بعد وصوله إلى بيت المقدس.
وقد وصف الله المسجد الأقصى بأنه مبارك ما حوله، والبركة تشمل بركات