للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الناس بعد البعثة-بعثة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم-فهم كما أبان الغزالي رحمه الله أصناف ثلاثة:

الأول-من لم تبلغهم دعوته، ولم يسمعوا به أصلا، فهؤلاء في الجنة.

الثاني-من بلغتهم دعوته ومعجزاته ولم يؤمنوا به كالكفار في زماننا، فهؤلاء في النار.

الثالث-من بلغتهم دعوته صلّى الله عليه وآله وسلّم بأخبار مكذوبة أو بنحو مشوه، فهؤلاء يرجى لهم الجنة.

١٠ - إن عذاب الاستئصال لا يكون إلا بشيوع المعاصي والذنوب والمنكرات، فإذا أراد الله إهلاك قرية أمر مترفيها وغيرهم بالطاعة والرجوع عن المعاصي، ففسقوا وظلموا وبغوا، أي آثروا الفسوق على الطاعة، خلافا للأمر، فحق عليها القول بالتدمير والهلاك.

وعلى قراءة أمرنا بالتشديد يكون المعنى: سلطنا شرارها، فعصوا فيها، فإذا فعلوا ذلك أهلكناهم.

وذكر قتادة والحسن أن معنى {أَمَرْنا} بكسر الميم: أكثرنا، يقال: أمر القوم -بكسر الميم-: إذا كثروا، ومنه

الحديث الذي رواه أحمد والطبراني عن سويد بن هبيرة: «خير مال المرء: مهرة مأمورة، أو سكّة مأبورة (١)» أي مهرة كثيرة النتاج والنّسل، وصف من النخل مأبورة.

وفي حديث هرقل-الحديث الصحيح: «لقد أمر أمر ابن أبي كبشة (٢)، ليخافه ملك بني الأصفر» أي كثر.


(١) السّكّة: الطريقة المصطفة من النخل، والمأبورة: الملقحة.
(٢) يريد: رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وكان المشركون يقولون للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ابن أبي كبشة» شبهوه بأبي كبشة: رجل من خزاعة خالف قريشا في عبادة الأوثان.

<<  <  ج: ص:  >  >>