للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا-الإحسان إلى الوالدين: {وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً} قرن الله في كثير من الآيات الأمر بعبادته بالأمر ببر الوالدين والإحسان لهما إحسانا تاما في المعاملة؛ لأنهما بعد الله الذي هو السبب الحقيقي لوجود الإنسان، كانا السبب الظاهري في وجود الأولاد وتربيتهم في جو مشحون بالحنان واللطف والعطف والإيثار، والمعنى: وأمر بالوالدين إحسانا، أو وأن تحسنوا إلى الوالدين وتبروهما، كما قال تعالى في آية أخرى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ، إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان ١٤/ ٣١] وذلك لشفقتهما على الولد، وإنعامهما عليه، وبذل أقصى الجهد في تربيته وصونه حتى يصبح رجلا سويا، فكان من الوفاء والمروءة رد شيء من الجميل والمعروف لهما، إما بالمعاملة الحسنة والأخلاق المرضية، وإما بالإمداد المادي إذا كانا بحاجة وكان الولد موسرا، لذا أبان تعالى بعض وجوه الإحسان إليهما، فقال:

{إِمّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ.}. أي إذا بلغ الوالدان أو أحدهما سن الكبر، وصارا عندك في آخر العمر بحال من الضعف والعجز، كما كنت عندهما في بدء حياتك، فعليك اتباع الواجبات الخمسة التالية:

الأول- {فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ} أي لا تسمعهما قولا سيئا فيه أدنى تبرّم، حتى ولا التأفف وهو التضجر والتألم الذي هو أدنى مراتب القول السيء، وذلك في أي حال، ولا سيما حال الضعف والكبر والعجز عن الكسب، لأن الحاجة إلى الإحسان حينئذ أشد وأولى وألزم، لذا خص حالة الكبر؛ لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى البر، للضعف والكبر.

روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه، قيل؛ من يا رسول الله؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة».

<<  <  ج: ص:  >  >>