المدينة والإخراج من مكة، أو إدخاله مكة منتصرا فاتحا وإخراجه منها آمنا من المشركين.
{وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً} أي واجعل لي حجة بينة تنصرني على من خالفني، أو ملكا وعزا قويا، ناصرا للإسلام على الكفر، ومظهرا له عليه، قال الحسن البصري: وعده ربه لينزعن ملك فارس وعز فارس، وليجعلنه له، وملك الروم وعز الروم وليجعلنه له.
وقد أنجز له وعده، وأجيبت دعوته، فتحقق له العصمة الشخصية:
{وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ}[المائدة ٦٧/ ٥] وانتشار الإسلام وتفوقه على الأديان كلها: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}[التوبة ٣٣/ ٩] وانتصار الدولة والملك:
وطلبه السلطة والملك ليس لشهوة السلطة وإنما لحماية حرمات الإسلام؛ لأنه لا بد للحق من قهر لمن عاداه وناوأه، وناصر وحام له، لذا قال تعالى:
{لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ، وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النّاسُ بِالْقِسْطِ، وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنّاسِ..}. الآية [الحديد ٢٥/ ٤٧] فقرن الله بين الرسالة والبيان وبين الحديد والقوة، وفي الأثر عن عثمان:«إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن» أي ليمنع بالسلطان عن ارتكاب الفواحش والآثام ما لا يمتنع كثير من الناس بالقرآن وما فيه من الوعد الأكيد والتهديد الشديد، وهذا هو الواقع.
ثم هدد كفار قريش وأوعدهم بقوله:{وَقُلْ: جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ} أي وقل للمشركين: جاء الحق من الله الذي لا مرية فيه، وهو الإسلام، وما بعثه الله به من القرآن والإيمان، والعلم النافع، واضمحل وهلك الباطل وهو الشرك،