قال قتادة: إذا سمعه المؤمن انتفع به وحفظه ووعاه {وَلا يَزِيدُ الظّالِمِينَ إِلاّ خَساراً} أي لا ينتفع به ولا يحفظه ولا يعيه، فإن الله جعل هذا القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين.
ثم يخبر الله تعالى عن نقص الإنسان من حيث هو، إلا من عصمه الله فقال:
{وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ} أي وإذا أمددنا الإنسان بنعمة من مال وعافية ورزق ونصر ونال ما يريد، أعرض عن طاعة الله وعبادته، ونأى بجانبه، وهذا تأكيد للإعراض؛ لأن الإعراض: التولي بالوجه، والنأي بالجانب: لوي الجانب وتولية الظهر، والمراد بذلك الاستكبار والتباعد؛ لأن ذلك عادة المتكبرين.
{وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً} أي وإذا أصابه الشر وهو المصائب والحوادث، كان يئوسا قنوطا من رحمة الله ومن الخير بعدئذ. والآية مثل قوله تعالى:{وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً، فَلَمّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ، مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ، كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ}[يونس ١٢/ ١٠]. وقوله سبحانه:{وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنّا رَحْمَةً، ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ، إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ. وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرّاءَ مَسَّتْهُ، لَيَقُولَنَّ: ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي، إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ}[هود ٩/ ١١ - ١٠].
{قُلْ: كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ} قل يا محمد: كل أحد يعمل على مذهبه وطريقته التي تشاكل وتشبه حاله من الهدى والضلالة.