للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكة: إن أخبركم محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم عن هذه القصة فهو نبي، وإلا فلا، مع أنه لا يلزم من كونه نبيا من عند الله تعالى أن يكون عالما بجميع القصص والوقائع، كذلك لم يمنع كون موسى عليه السلام نبيا صادقا من عند الله أن يأمره الله بالذهاب إلى الخضر، ليتعلم منه.

ودل قوله: {آتِنا غَداءَنا} على تعليم الناس اتخاذ الزاد في الأسفار، ولا يتنافى ذلك مع التوكل على الله تعالى، فهذا موسى نبي الله وكليمه قد اتخذ الزاد، مع معرفته بربه، وتوكله على رب العباد.

وكان انقلاب الحوت حيا معجزة لموسى عليه السلام، وعلامة على مكان وجود العبد الصالح، لذا قال موسى فرحا لما أخبره فتاه بالأمر: {ذلِكَ ما كُنّا نَبْغِ} أي قال موسى لفتاه: أمر الحوت وفقده هو الذي كنا نطلب، فإن الرجل الذي جئنا إليه موجود هناك.

والعبد الصالح على الصحيح هو الخضر، وهو نبي في رأي جماعة كثيرين بدليل ما يأتي (١):

١ - أنه تعالى قال: {آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا} والرحمة هي النبوة؛ لقوله تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} [الزخرف ٣٢/ ٤٣] وقوله: {وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلاّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [القصص ٨٦/ ٢٨].

٢ - قوله تعالى: {وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنّا عِلْماً} وهذا يقتضي أنه تعالى علمه لا بواسطة معلم، ولا إرشاد مرشد، وكل من علمه الله لا بواسطة البشر، وجب أن يكون نبيا يعلم الأمور بالوحي من الله تعالى.


(١) تفسير الرازي: ١٤٨/ ٢١، تفسير القرطبي: ١٦/ ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>