للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه السلام حكم بدفع الغنم إلى صاحب الحرث، وحكم سليمان له بأولادها وأصوافها، ولا خلاف بين المسلمين أن من نفشت غنمه في حرث رجل أنه لا يجب عليه تسليم الغنم، ولا تسليم أولادها وألبانها وأصوافها إليه، فثبت أن الحكمين جميعا منسوخان بشريعة نبينا صلّى الله عليه وسلم (١).

وأما آراء فقهائنا فهي كما يلي (٢):

قال مالك وأبو حنيفة والشافعي: لا ضمان على أرباب المواشي فيما أصابت بالنهار. وقال الليث: يضمن أرباب المواشي بالليل والنهار.

وأما ما تتلفه المواشي بالليل فللعلماء فيه رأيان مشهوران:

رأي الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة): وهو ضمان ما تتلفه البهائم ليلا، عملا بما قضى به النبي صلّى الله عليه وسلم في ناقة البراء، وهو أن حفظ‍ البهائم بالليل على أرباب المواشي، وهذا حديث خاص، وأما

حديث «العجماء جرحها جبار» أي أن فعل البهائم هدر، فهو عام، ولا خلاف أن العام يقضي عليه الخاص، أي أنه يقدم الخاص على العام، ولأنه لا إشكال في أن من أتلف شيئا فعليه الضمان، ويكون الضمان بالقيمة، وإن زادت على قيمة المواشي.

ورأي أبي حنيفة: ألا ضمان لما تتلفه المواشي، ليلا أو نهارا، للحديث المتقدم: «العجماء جرحها جبار».

٢ - قال ابن العربي: من أراد أن يتخذ ما ينتفع به مما لا يضر بغيره مكّن منه، مثل النحل والحمام والإوز والدجاج، وذلك كالماشية. وأما انتفاعه بما


(١) أحكام القرآن للجصاص: ٢٢٣/ ٣
(٢) أحكام القرآن لابن العربي: ١٢٥٦/ ٣ وما بعدها، تفسير الرازي: ١٩٩/ ٢٢، تفسير القرطبي: ٣١٥/ ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>