قال صلّى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد وابن ماجة عن ابن عباس:«لا ضرر ولا ضرار»(١).
٣ - إنما يكون الأجر للحاكم المخطئ إذا كان عالما بالاجتهاد والسنن والقياس، وقضاء من مضى من السلف؛ لأن اجتهاده عبادة، ولا يؤجر على الخطأ، بل يوضع عنه الإثم فقط. فأما من لم يكن محلا للاجتهاد، فهو متكلف لا يعذر بالخطإ في الحكم، بل يخاف عليه أعظم الوزر، بدليل الحديث المتقدم:
«القضاة ثلاثة» قال ابن المنذر: إنما يؤجر على اجتهاده في طلب الصواب، لا على الخطأ، بدليل قوله تعالى:{فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ}.
٤ - أكثر الفقهاء قالوا: إن الحق واحد من أقوال المجتهدين، وليس الحق أو الصواب في جميع أقوالهم، بدليل قوله تعالى:{فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ} فخص سليمان بالفهم، ولو كان الكل مصيبا لم يكن لتخصيص سليمان عليه السلام بهذا التفهيم فائدة.
٥ - هل للأنبياء الاجتهاد؟ اختلف العلماء في جواز الاجتهاد على الأنبياء، فمنعه قوم، وجوزه المحققون الأكثرون؛ لأنه ليس فيه استحالة عقلية؛ لأنه دليل شرعي، فلا مانع أن يستدل به الأنبياء، والله تعالى قال:{فَاعْتَبِرُوا}[الحشر ٢/ ٥٩] وهو أمر للكل بالاعتبار، وذلك يشمل الرسول صلّى الله عليه وسلم، ولأنه إذا غلب على ظنه أن الحكم في الأصل المقيس عليه معلل بمعنى، ثم وجد ذلك المعنى في صورة أخرى، فلا بد وأن يغلب على ظنه أن الفرع كالأصل في الحكم، ثم إنه لو جاز الاجتهاد للعلماء وهو أرفع درجات العلم، لثبت لأحد من أمة النبي صلّى الله عليه وسلم من الفضيلة ما لا يثبت له.
٦ - في هذه الآية دليل على جواز رجوع القاضي عما حكم به، إذا تبين له أن