الحجة وهو رأي أبي حنيفة والشافعي. وإذا كان ذكر اسم الله بمعنى الحمد والشكر فتكون {عَلى} للتعليل، ورأى الزمخشري أن ذكر اسم الله كناية عن الذبح والنحر؛ لأن أهل الإسلام لا ينفكّون عن ذكر اسمه إذا ذبحوا أو نحروا، وتكون {عَلى} للاستعلاء. وفيه تنبيه على أن الغرض الأصلي فيما يتقرّب به إلى الله أن يذكر اسمه. واختير هذا الأسلوب ليشير إلى أن ذكر الله وحده دون شرك هو المقصود الأعظم وتوسيط الرزق للحث على الشكر والتقرب بتلك القربة والتهوين عليهم في الإنفاق.
ثم أمر الله تعالى بالأكل من تلك الذبائح أمر إباحة فقال:
{فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ} أي فاذكروا اسم الله على الذبائح، وكلوا من لحومها، وأطعموا البائس الذي أصابه بؤس أي شدة، الفقير المحتاج.
والأمر بالأكل من الذبائح كما ذكر؛ لأن أهل الجاهلية كانوا لا يأكلون من نسائكهم. قال الزمخشري: ويجوز أن يكون ندبا، لما فيه من مساواة الفقراء ومواساتهم وإظهار التواضع، ومن هنا استحب الفقهاء أن يأكل الموسع من أضحيته مقدار الثلث.
وثبت أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لما نحر هديه، أمر من كل بدنة ببضعة (قطعة من اللحم) فتطبخ، فأكل من لحمها، وحسا من مرقها.
ومذهب الشافعي أن الأكل مستحب، والإطعام واجب، فإن أطعمها جميعها جاز وأجزأ. وقوله:{فَكُلُوا} التفات إليهم بالخطاب ليؤكد لهم إباحة الأكل من تلك الذبائح.
ثم أمر تعالى بالنظافة وإيفاء النذر والطواف، فقال:
{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ، وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ، وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} هذه أوامر بواجبات ثلاثة على سبيل الإيجاب، أي ليزيلوا الأوساخ من على أجسادهم بقص الأظفار وحلق الأشعار ونحوه من الأغسال، وليوفوا نذورهم التي نذروها