يا رسول الله، إني أهديت نجيبا، فأعطيت بها ثلاث مائة دينار، أفأبيعها وأشتري بثمنها بدنا؟ قال:«لا، أنحرها إياها». وكان ابن عمر يسوق البدن مجلّلة بالقباطي-ثياب مصرية غالية الثمن-فيتصدق بلحومها وجلالها.
{لَكُمْ فِيها مَنافِعُ} أي لكم في البدن منافع دنيوية من لبنها وصوفها وأوبارها وأشعارها وركوبها، إلى أجل مسمى أي إلى أن تنحر، ويتصدق بلحومها، ويؤكل منها.
ويجوز ركوبها، حتى بعد أن تسمى بدنا أو هديا؛ لما
ثبت في الصحيحين عن أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة قال:«اركبها» قال: إنها بدنة، قال:«اركبها ويحك» في الثانية أو الثالثة.
{ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} أي ثم مكان حل نحر الهدي، وانتهاؤه عند البيت العتيق وهو الكعبة، أي الحرم جميعه، إذ الحرم كله في حكم البيت الحرام، كما قال تعالى:{هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ}[المائدة ٩٥/ ٥] وقال: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ}[الفتح ٢٥/ ٤٨]. وعلى هذا يكون المعطوف بثم في الآية كلاما تاما أريد به بيان المكان الذي تذبح فيه الهدايا بعد ما بين حكم تعظيمها والانتفاع بها إلى الأجل المعين.
وسبب تسميته بالبيت العتيق هو كما
أخرج البخاري في تاريخه، والترمذي والحاكم وابن جرير وغيرهم عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
«إنما سماه الله البيت العتيق؛ لأنه أعتقه من الجبابرة، فلم يظهر عليه جبار قط».
ثم أخبر الله تعالى عن مشروعية ذبح المناسك وإراقة الدماء على اسم الله في جميع الملل فقال:
و {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً} أي جعلنا لأهل كل دين سلف ذبحا