يذبحونه تقربا إلى الله تعالى، وذلك ليس خاصا بأمة محمد صلّى الله عليه وسلم وإنما هو في كل الملل. والصحيح كما قال ابن العربي أن المنسك: هو ما يرجع إلى العبادة والتقرب.
{لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ} أي شرعنا لهم سنة ذبح الأنعام، لكي يذكروا اسم الله حين ذبحها، أي عند الشروع فيه، ويشكروه على نعمه التي أنعم بها عليهم.
ويؤيده ما ثبت في الصحيحين عن أنس قال: أتي رسول الله صلّى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين، فسمّى وكبّر، ووضع رجله على صفاحهما.
وروى الإمام أحمد وابن ماجه عن زيد بن أرقم قال: قلت يا رسول الله، ما هذه الأضاحي؟ قال:
«سنة أبيكم إبراهيم» قالوا: ما لنا منها؟ قال:«بكل شعرة حسنة» قال:
فالصوف؟ قال:«بكل شعرة من الصوف حسنة».
{فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ، فَلَهُ أَسْلِمُوا، وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} أي فإن معبودكم واحد، وإن تنوعت شرائع الأنبياء، ونسخ بعضها بعضا، فالجميع يدعون إلى عبادة الله وحده لا شريك له، كما قال سبحانه:{وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء ٢٥/ ٢١]. وقوله:{فَإِلهُكُمْ.}.
بمثابة العلة لما قبله من تخصيص اسمه الكريم بالذكر؛ لأن تفرده تعالى بالألوهية يقتضي ألا يذكر على الذبائح غير اسمه. وإنما قال:{إِلهٌ واحِدٌ} ولم يقل:
«فإلهكم واحد» لإفادة أنه تعالى واحد في ذاته وفي ألوهيته.
ومتى كان الإله واحدا فله أسلموا أي فيجب تخصيصه بالعبادة، والاستسلام له والانقياد له في جميع الأحكام. وقوله {فَلَهُ أَسْلِمُوا} مرتب بالفاء على الحكم بوحدانية الإله.
وبشر أيها النبي بالثواب الجزيل المخبتين، أي المتواضعين الخاشعين لله، من