داخل في حكم الآية بالمعنى، كدخول تحريم شحم الخنزير في تحريم لحمه. وذكر النساء، لأن رميهن بالفاحشة أشنع، والزنى منهن أقبح، أما السرقة فالرجل عليها أجرأ وأقدر، فبدأ به في آية حد السرقة.
وفي التعبير بالإحصان إشارة إلى أن قذف العفيف رجلا أو امرأة موجب لحد القذف، أما المعروف بفجوره فلا حد على قاذفه، إذ لا كرامة للفاسق.
والمعنى: إن الذين يسبّون النساء العفيفات الحرائر المسلمات برميهن بالزنى، ولم يتمكنوا من إثبات التهمة بأربعة شهود رأوهن متلبّسات بالزنى، أي لم يقيموا البينة على صحة القذف الذي قالوه، لهم ثلاثة أحكام:
الأول-أن يجلد القاذف ثمانين جلدة. والجلد: الضرب.
الثاني-أن ترد شهادته أبدا، فلا تقبل في أي أمر مدة العمر.
الثالث-أن يصير فاسقا ليس بعدل، لا عند الله ولا عند الناس، سواء كان كاذبا في قذفه أو صادقا. والفسق: الخروج عن طاعة الله تعالى، وهذا دليل على أن القذف كبيرة من الكبائر، لما يترتب عليه من التشنيع وهتك حرمة المؤمنات. لكن شرط القاذف الذي نصت عليه الآية: عجزه عن الإتيان بأربعة شهود، وتقضي قواعد الشرع أن يكون من أهل التكليف: وهو البالغ العاقل المختار، العالم بالتحريم حقيقة، أو حكما كمن أسلم حديثا ومضت عليه مدة يتمكن فيها من معرفة أحكام الشرع.
وشرط المقذوف المرمي بنص الآية: أن يكون محصنا: وهو المكلف (البالغ العاقل) الحر، المسلم، العفيف عن الزنى. فشرائط إحصان القذف خمسة: هي البلوغ والعقل باعتبارهما من لوازم العفة عن الزنى، والحرية؛ لأنها من معاني الإحصان، والإسلام،