أشرك بالله فليس بمحصن» والعفة عن الزنى، فلا يعتبر كل من المجنون والصبي والعبد والكافر والزاني محصنا، فلا يحد قاذفهم، لكن يعزر للإيذاء. ويلاحظ أن ظاهر الآية يتناول جميع العفائف، سواء كانت مسلمة أو كافرة، وسواء كانت حرة أو رقيقة، إلا أن الفقهاء قالوا شرائط الإحصان في القذف خمسة: الإسلام، والعقل، والبلوغ، والحرية، والعفة عن الزنى. وإنما اعتبرنا الإسلام للحديث المتقدم، واعتبرنا العقل والبلوغ
لقوله صلّى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم عن عائشة:«رفع القلم عن ثلاثة» ومنهم الصبي والمجنون، واعتبرنا الحرية؛ لأن العبد ناقص الدرجة، فلا يعظم عليه التعيير بالزنى، واعتبرنا العفة عن الزنى؛ لأن الحد مشروع لتكذيب القاذف، فإذا كان المقذوف زانيا، فالقاذف صادق في القذف، فلا يحد، وكذلك إذا كان المقذوف وطئ امرأة بشبهة أو نكاح فاسد؛ لأن فيه شبهة الزنى.
وإذا كان العبد أو الكافر عفيفا عن الزنى، فيصبح محصنا من وجه، وغير محصن من وجه آخر، فيكون ذلك شبهة في إحصانه، فيجب درء الحد عن قاذفه.
وكان ينبغي جعل التزوج من صفات الإحصان، إلا أن العلماء أجمعوا على عدم اعتباره هنا، وهو كون المرمي زوجة أو زوجا، بدليل الآيات التالية في اللعان، فتكون آية اللعان مخصصة لعموم الموصول:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ}.
وظاهر الآية:{ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ} يدل على أنه يشترط لتحقق القذف الموجب للعقوبة عجز القاذف عن الإتيان بأربعة يشهدون أنهم قد رأوا المقذوف يزني، وتاء {بِأَرْبَعَةِ} تفيد في ظاهرها اعتبار كونهم من الرجال، ويؤكد ذلك أنه لا تعتبر شهادة النساء في الحدود اتفاقا.
ولم تشترط الآية أكثر من كون الرجال الأربعة أهلا للشهادة، لكن العلماء