اختلفوا في اشتراط كون الشاهد عدلا، فقال الشافعية: تشترط عدالة الشاهد، وقال الحنفية: لا تشترط عدالة الشاهد. فإذا شهد أربعة فساق فهم قذفة عند الشافعية يحدون كالقاذف، ولا يحدون عند الحنفية، ويدرأ الحد عن القاذف؛ لأنه تثبت بشهادتهم شبهة الزنى، فيسقط الحد عنهم وعن القاذف، وكذا عن المقذوف.
وظاهر عموم الآية أنه يكفي أن يكون زوج المقذوفة أحد الشهود الأربعة، وقد أخذ الحنفية بهذا الظاهر، وقال مالك والشافعي: لا يعتبر الزوج أحد الشهود، ويلاعن الزوج ويحد الشهود الثلاثة الآخرون؛ لأن الشهادة بالزنى قذف، ولم يكتمل نصاب الشهادة المطلوب.
وظاهر إطلاق الآية أنه يصح مجيء الشهود متفرقين أو مجتمعين، وبه أخذ المالكية والشافعية، وذلك كالشهادة في سائر الأحكام. وقال أبو حنفية: لا تقبل شهادتهم إلا إذا كانوا مجتمعين غير متفرقين، فإن تفرقوا لم تقبل شهادتهم؛ لأن الشاهد الواحد لما شهد صار قاذفا، ولم يأت بأربعة شهداء، فوجب عليه الحد، ولم يعد صالحا للشهادة. ونقل ذلك أيضا عن مالك.
وظاهر الآية أيضا أن القاذف يجلد إذا أتى بشاهدين أو ثلاثة فقط، وكذلك يجلد هؤلاء الشهود إذا لم يكملوا النصاب، بدليل فعل عمر الذي أمر بجلد ثلاثة شهود وهم شبل بن معبد وأبو بكرة (نفيع بن الحارث) وأخوه نافع شهدوا بالزنى على المغيرة بن شعبة، وأما رابعهم زياد فلم يجزم بحدوث حقيقة الزنى.
والخطاب في قوله تعالى:{فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً} هم أولياء الأمر الحكام، وظاهر هذا العموم يشمل الحر والرقيق، فحدهما ثمانون جلدة، وبه أخذ ابن مسعود والأوزاعي والشيعة، وأجمع بقية الفقهاء على أن حد الرقيق في القذف النصف وهو أربعون جلدة. ودل هذا الظاهر أيضا أن الحاكم يقيم الحد ولو من غير طلب المقذوف، وبه أخذ ابن أبي ليلى، وقال الجمهور: لا يحد إلا بمطالبة