المقذوف، وقال مالك: إذا سمعه الإمام يقذف، حدّه ولو لم يطلب المقذوف، إذا كان مع الإمام شهود عدول. والخلاصة: أن الإمام لا يقيم حد القذف إلا بمطالبة المقذوف في المذاهب الأربعة.
وفي إقامة حد القذف: مراعاة لحق الله تعالى في حماية الأعراض، ولحق العبد الذي انتهكت حرمته، لكن اختلف الفقهاء في المغلّب في هذا الحد:
فقال الشافعية: يغلّب حق العبد باعتبار حاجته، وغنى الله عز وجل.
وذهب الحنفية إلى تغليب حق الله تعالى؛ لأن استيفاءه يحقق مصلحة العبد أيضا. وتظهر ثمرة الخلاف في أمثلة منها:
أ-إذا مات المقذوف قبل استيفاء الحد، فيسقط عند الحنفية تغليبا لحق الله تعالى، وقال الشافعية: لا يسقط الحد بموت المقذوف، بل يتولى ورثته المطالبة به تغليبا لحق العبد.
ب-وإذا قذف شخص جماعة بكلمة واحدة أو بكلمات متعددة، فالحنفية يقولون بتداخل الحد، ويكفي للجميع حد واحد، تغليبا لحق الله تعالى كمن زنى مرارا أو سرق أو شرب الخمر، ولا يتداخل الحد عند الشافعية، وعليه لكل واحد حد تغليبا لحق العباد.
ج -وإذا عفا المقذوف عن الحد، يسقط عند الشافعية تغليبا لحق العبد، ولا يسقط عند الحنفية بعد طلب إقامته.
وبما أن مجموع العقوبات الثلاث مرتب على القذف بالعطف بالواو، فترد شهادة القاذف ولو قبل جلده في رأي الشافعي، ولا ترد شهادته إلا بعد جلده في رأي أبي حنيفة ومالك؛ لأن الواو وإن لم تقتض الترتيب، لكن المراد الترتيب؛
لقوله صلّى الله عليه وسلم فيما رواه الديلمي وابن أبي شيبة عن ابن عمرو مرفوعا:«المسلمون عدول، بعضهم على بعض، إلا محدودا في فرية» أي قذف، ورواه الدارقطني عن عمر في كتابه إلى أبي موسى.