للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإنذارات، كيلا تعودوا لمثل هذا الفعل، إن كنتم من أهل الإيمان بالله وشرعه وتعظيم رسوله صلّى الله عليه وسلم، والائتمار بأمره والانتهاء عن نهيه.

{وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ، وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} أي ويوضح لكم الأحكام الشرعية والآداب الدينية والاجتماعية، والله عليم بما يصلح عباده، مطّلع على أحوالهم، فيجازي كل امرئ بما كسب، حكيم في شرعه وقدره، وتدبير شؤون خلقه، وتكليفه بما يحقق سعادتهم في الدنيا والآخرة.

٧ - {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا، لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} هذا أدب ثالث لمن سمع شيئا من الكلام السيء، معناه: إن الذين يشيعون الفاحشة عن قصد وإرادة ومحبة لها، وإن الذين يرغبون في إشاعة الفواحش وانتشار أخبار الزنى في أوساط‍ المؤمنين، لهم عذاب مؤلم في الدنيا وهو حد القذف، وفي الآخرة بعذاب النار، والله يعلم بحقائق الأمور، ولا يخفى عليه شيء، ويعلم ما في القلوب من الأسرار، فردوا الأمر إليه ترشدوا، وأنتم بسبب نقص العلم والإحاطة بالأشياء والاعتماد على القرائن والأمارات لا تعملون تلك الحقائق.

أخرج الإمام أحمد عن ثوبان عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم، ولا تطلبوا عوراتهم، فإنه من طلب عورة أخيه المسلم، طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته». ولقد ضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي وحسانا ومسطحا، وقعد صفوان لحسان فضربه ضربة بالسيف وكف بصره.

وهذا التأديب التربوي له مغزاه العميق، فإن شيوع الفاحشة في مجتمع يجرئ الناس على الإقدام عليها، ويجعلهم يستسهلون الوقوع فيها. والآية تدل على أن مجرد حب إشاعة الفاحشة كاف في إلحاق العذاب، فالذين يشيعونها فعلا أشد جرما وإثما وتعرضا للعقاب. ومنشأ حب إشاعة الفاحشة هو الحقد والكراهية،

<<  <  ج: ص:  >  >>