للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ} هذا التكرار لتأكيد المنة والنعمة على العباد، والمعنى: ولولا تفضل الله عليكم بالنعم، ورحمته السابغة، بالتوفيق للتوبة الماحية للذنوب، ما طهر أحدا من ذنبه، ولا خلصه من أمراض الشرك والفجور والأخلاق الرديئة، وإنما عاجله بالعقوبة، كما قال تعالى: {وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النّاسَ بِظُلْمِهِمْ، ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ} [النحل ٦١/ ١٦]، قال الرازي: إذا بلغ المؤمن من الصلاح في الدين إلى ما يرضاه الله تعالى، سمّي زكيا.

{وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} أي والله تعالى القدير الحكيم يطهر من يشاء من خلقه، بقبول توبتهم، وتوفيقهم إلى ما يرضيه، مثل قبول توبة حسان ومسطح وغيرهما من قصة الإفك، والله سميع لأقوال عباده، ولا سيما في حالتي الوقوع في المعصية والإخلاص في التخلص منها، والبراءة من آثامها، عليم بمن يستحق الهدى والضلال، وبالأقوال والأفعال، وبمن أصر على إشاعة الفاحشة ومن تاب منها، ومجاز كل إنسان بما قدّم.

وهذا حث واضح على التطهر من الذنوب، والإقبال على التوبة بإخلاص.

وبعد تأديب أهل الإفك ومن سمع كلامهم، أدب الله تعالى أبا بكر لما حلف ألا ينفق على مسطح أبدا، قال المفسرون: نزلت الآية في أبي بكر حيث حلف ألا ينفق على مسطح، وهو ابن خالة أبي بكر، وقد كان يتيما في حجره، وكان ينفق عليه وعلى قرابته، فقال تعالى:

{وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ} أي لا يحلف أصحاب الفضل في الدين والخلق والإحسان، والسعة في المال والثروة ألا يعطوا أقاربهم المساكين المهاجرين، كمسطح ابن خالة أبي بكر الذي كان فقيرا مهاجرا من مكة إلى المدينة، وشهد بدرا. وفيه دليل على

<<  <  ج: ص:  >  >>