منكم الباءة-مؤن الزواج-فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء». ولما
جاء في السنن أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال فيما رواه أبو داود والنسائي عن معقل بن يسار:«تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم». ورتبوا على القول بالوجوب ألا يجوز النكاح إلا بولي.
والمراد بالصلاح: معناه الشرعي وهو مراعاة أوامر الدين ونواهيه. وقيل:
المراد به المعنى اللغوي وهو أهلية النكاح والقيام بحقوقه. والعباد كالعبيد: جمع عبد وهو الذكر من الأرقاء. والإماء جمع أمة، وهي الأنثى الرقيقة. وقوله {وَالصّالِحِينَ} بتغليب الذكور على الإناث، واعتبر الصلاح في جانب الأرقاء دون الأيامى الأحرار والحرائر؛ لأنه عنصر مشجع على التغاضي من قبل السيد عن منافع العبيد والإماء، فلا يدفعهم إلى التزويج إلا استقامة هؤلاء المماليك وصلاحهم أو ظن قيامهم بحقوق الزوجية.
واستدل الإمام الشافعي رحمه الله بظاهر قوله تعالى:{وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ} على جواز تزويج الولي البكر البالغة بدون رضاها؛ لأن الخطاب في الآية للأولياء، فهم المأمورون بالتزويج لمن لهم الولاية عليهم، سواء كانت المولية كبيرة أم صغيرة، وسواء رضيت أم لم ترض. ولولا وجود أدلة أخرى من السنة على أنه لا يزوج الولي الثيب الكبيرة بغير رضاها، لكان حكمها حكم البكر الكبيرة، لعموم الآية. لكن
قوله صلّى الله عليه وسلم فيما أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عباس:«البكر تستأمر في نفسها، وإذنها صماتها» يدل على وجوب استئذانها واعتبار رضاها، فكان ذلك مخصصا للآية.
واستدل الشافعية بالآية على أن المرأة لا تلي عقد الزواج؛ لأن المأمور بتزويجها وليها، لكن الأولى حمل الخطاب في الآية على أنه خطاب للناس جميعا بندبهم إلى المساعدة في التزويج، فيؤخذ حكم مباشرة العقد من غير هذه الآية.
واستدل بعض الحنفية بظاهر الآية:{وَأَنْكِحُوا} على أنه يجوز للحر أن