يتزوج بالأمة، ولو كان مستطيعا مهر الحرة. ورد الشافعية بأن قوله تعالى:
{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً} -مهرا- {أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ}[النساء ٢٥/ ٤] أخص من هذه الآية، والخاص مقدم على العام. كما أن العلماء أجمعوا على أن عموم الأيامى في الآية {وَأَنْكِحُوا الْأَيامى} مقيد بشروط: ألا تكون المرأة محرما للزوج بنسب أو رضاع أو مصاهرة كالجمع بين الأختين ونحوهما كالعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت.
واستدل العلماء بقوله تعالى:{وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ} على أمرين:
الأول-أنه يجوز للمولى أن يزوج عبده وأمته بدون رضاهما.
والثاني-أنه لا يجوز للعبد ولا للأمة أن يتزوجا بغير إذن السيد، منعا من تفويت استعمال حقه، ويؤيده
قوله صلّى الله عليه وسلم فيما أخرجه أحمد:«أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه، فهو زان».
ثم أزال الله تعالى التعلل بعدم وجدان المال فقال:
{إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ} هذا وعد بالغنى للمتزوج، فلا تنظروا إلى مشكلة الفقر، سواء فقر الخاطب أو المخطوبة، ففي فضل الله ما يغنيهم، والله غني ذو سعة، لا تنفد خزائنه، ولا حد لقدرته، عليم بأحوال خلقه، يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر على وفق الحكمة والمصلحة.
روى الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ثلاثة حق على الله عونهم: الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء، والغازي في سبيل الله». وقال ابن مسعود: التمسوا الغنى في النكاح. إلا أن إغناء المتزوج مشروط بالمشيئة؛ لقوله تعالى:{وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ}[التوبة ٢٨/ ٩] وقوله هنا: {وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ} أي يعلم المصلحة فيعطي بالحكمة.