الله وكذبوا بالقرآن وبالرسول المنزل عليه، أو الدعاة إلى كفرهم، الذين يظنون أنها تنفعهم عند الله، وتنجيهم من عذابه، ثم تخيب آمالهم في الآخرة ويلقون خلاف ما قدّروا، شبيهة بسراب يراه الإنسان العطشان في فلاة أو منبسط من الأرض، فيحسبه ماء، فيأتيه، فلا يجد ما رجاه. وأعمالهم الصالحة: مثل صلة الأرحام والإحسان إلى الفقراء وإقامة المشاريع الخيرية.
وهكذا حال الكافرين في الآخرة يحسبون أعمالهم نافعة لهم، منجّية من عذاب الله، فإذا جاء يوم القيامة وقوبلوا بالعذاب، فوجئوا أن أعمالهم لم تنفعهم، وإنما يجدون زبانية الله تأخذهم إلى جهنم، التي يسقون فيها الحميم والغساق، وهم الذين قال الله فيهم:{قُلْ: هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً.}. الآيات [الكهف ١٠٢/ ١٨ - ١٠٦]. وقال تعالى هنا:{وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ، فَوَفّاهُ حِسابَهُ، وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ} أي ووجد عقاب الله وعذابه الذي توعد به الكافرين، فجازاه الله الجزاء الأوفى على عمله في الدنيا، والله سريع المجازاة، لا يشغله حساب عن حساب، كما قال تعالى:{وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً}[الفرقان ٢٣/ ٢٥]. هذا حالهم في الآخرة، أو حال الكفار الدعاة إلى الكفر.
والخلاصة: أن الكفار سيصطدمون بالخيبة والخسارة في الآخرة، فلا يجدون ما ينفعهم ولا ما ينجيهم.
أما المثل الثاني لحالهم في الدنيا أو حال الكفار الجهلة المقلدين لأئمة الكفر فهو كما قال تعالى:
{أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ، مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ، مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ} أي إن مثل أعمال الكفار التي يعملونها في الدنيا على غير هدى،