دون إذن صريح، وأن الحكم في البيت الخاص كبيت القريب والصديق على حدّ سواء، وذكر الأكل من البيوت ليساوي ما بعده في الحكم ويعطفه عليه، فهو أدب اجتماعي من أدب الإسلام الرفيع.
{وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} أي ولا حرج عليكم أن تأكلوا من بيوتكم الخاصة، ويشمل ذلك بيوت الأولاد؛ لأنه وإن لم ينص عليهم، فهم كبيت الإنسان؛ لأن بيت الولد كبيت الوالد، ومال الولد بمنزلة مال أبيه.
روى الإمام أحمد في المسند وأصحاب السنن عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال:«أنت ومالك لأبيك» وقال أيضا فيما أخرجه البخاري في التاريخ والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عائشة: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم».
وقوله:{عَلى أَنْفُسِكُمْ} للإشارة إلى أن الأكل مع أصحاب الأعذار لا يخل بقدر الأصحاء أهل الشأن، وأن التواضع مطلوب، والترفع عن مؤاكلتهم منبوذ ممجوج شرعا ودينا، وفي ذلك توسعة على الناس، وبيان ما تقتضيه أواصر المحبة والصلة والود بين الأفراد.
{أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ} أي أن الله تعالى أباح لنا الأكل من أحد عشر موضعا بلا إذن صريح، حيث علمنا رضاه وسروره، وأنه لا يبخل ولا يتألم، فإن كان يتضجر أو يتألف أو يتألم فلا نأكل من طعامه في غيبته، ويطلب التعفف حينئذ. وتلك المواضع هي:
الأكل من بيوتنا ومنها بيوت أولادنا كما بينا، وبيوت آبائنا وأجدادنا، وبيوت أمهاتنا وجداتنا، وبيوت إخواننا، وبيوت أخواتنا، وبيوت أعمامنا، وبيوت عماتنا، وبيوت أخوالنا، وبيوت خالاتنا، وما ملكنا مفاتحه بالوكالة عن أصحاب البيوت، وبيوت أصدقائنا إذا عرفنا أنه راض ومسرور بما نفعل،