لقوله صلّى الله عليه وآله وسلم فيما رواه أحمد وأبو داود:«لا يحلّ مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه»
وحديث الشيخين عن ابن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلم:«لا يحلبنّ أحد ماشية أحد إلا بإذنه».
وهؤلاء المذكورون من الأقارب تطيب نفوسهم عادة وطبعا بأكل أحد من قراباتهم عندهم.
أما المقصود بقوله:{ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ} فيراد به كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: وكيل الرجل وقيّمه في ضيعته وماشيته، لا بأس عليه أن يأكل من ثمر ضيعته، ويشرب من لبن ماشيته. وملك المفاتح: كونها في يده وحفظه. وهذا مأذون به ضمنا من الموكل، ولكن يأكل ولا يحمل ولا يدّخر، إذا لم يكن له أجر على عمله، فإن كان مستأجرا بأجر فلا يأكل.
وأما بيوت الأصدقاء الذين ترتفع الكلفة بينهم، ويصفو الودّ معهم، فيؤكل منها إذا علم رضاهم صراحة أو بالقرائن. روي عن الحسن البصري أنه دخل داره، وإذا حلقة من أصدقائه، وقد استلوا سلالا من تحت سريره فيها الخبيص وأطايب الأطعمة، وهم مكبّون عليها يأكلون، فتهللت أسارير وجهه سرورا وضحك، وقال: هكذا وجدناهم، أي أكابر الصحابة. وكذلك يقال في دخول بيوت الأصدقاء لا بدّ فيه من إذن صريح أو قرينة.
واحتج أبو حنيفة رحمه الله بهذه الآية على أن من سرق من ذي رحم محرم أنه لا يقطع؛ لإباحة الله تعالى لهم بهذه الآية الأكل من بيوتهم ودخولها بغير إذنهم، فلا يكون ماله محرزا منهم، أي بسبب وجود شبهة الإذن. والحقيقة أنه لا بدّ من الإذن الصريح، أو الضمني الذي يعرف بالقرائن.
ثم ذكر الله تعالى حكم الأكل الجماعي والانفرادي فقال:
{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً} أي يباح ولا إثم عليكم أن