للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي كذبت قبيلة عاد رسالة الرسل المرسلين من عند الله، حين قال لهم هود عليه السلام: ألا تتقون الله، وتخافون عذابه، إني لكم رسول أمين على رسالتي التي هي من عند الله، فاتقوا الله فيما أمر ونهى، وأطيعوني فيما آمركم وأنهاكم عنه، يصلح حالكم، وتسعدون في دنياكم وأخراكم، ولا أطلب منكم على تبليغ رسالتي أجرا ولا مالا، ولا أبتغي بذلك سلطانا ولا جاها، إن أجري وجزائي إلا على ربي لو علمتم ذلك، ولكنهم كذبوه وآذوه.

وهذه المقالة بعينها جاءت على لسان نوح وهود وصالح ولوط‍ وشعيب للتنبيه على وحدة رسالة الأنبياء الداعية إلى توحيد الله وطاعته، وترك عبادة ما سواه.

ثم تكلم معهم هود عليه السلام على ثلاثة أمور:

١ - {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} أي أتعمرون في كل مكان مرتفع بنيانا محكما هائلا باهرا، يكون علامة على القوة والعزة والغنى تفاخرا، وإنما تفعلون ذلك عبثا لمجرد اللعب واللهو وإظهار القوة، لا للحاجة إليه، لذا أنكر عليهم؛ لأنه تضييع للزمان، وإتعاب الأبدان في غير فائدة، واشتغال بما لا يجدي في الدنيا ولا في الآخرة.

٢ - {وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} أي وتتخذون قصورا مشيدة وحصونا، لكي تقيموا فيها أبدا، كأنكم مخلدون في الدنيا، أو ترجون الخلد في الدنيا، مع أنكم زائلون عنها، كما زال من كان قبلكم. وقيل: المصانع: مآخذ الماء.

روى ابن أبي حاتم رحمه الله أن أبا الدرداء رضي الله عنه، لما رأى ما أحدث المسلمون في غوطة دمشق من البنيان ونصب الشجر، قام في مسجدهم، فنادى:

يا أهل دمشق، فاجتمعوا إليه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ألا تستحيون،

<<  <  ج: ص:  >  >>