للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا تستحيون؟ تجمعون ما لا تأكلون، وتبنون ما لا تسكنون، وتأملون ما لا تدركون، إنه قد كانت قبلكم قرون يجمعون فيوعون، ويبنون فيوثّقون، ويأملون فيطيلون، فأصبح أملهم غرورا، وأصبح جمعهم بورا، وأصبحت مساكنهم قبورا، ألا إن عادا ملكت ما بين عدن وعمّان خيلا وركابا، فمن يشتري مني ميراث عاد بدرهمين؟! ٣ - {وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبّارِينَ} أي إنكم مع ذلك السرف والحرص، تعاملون غيركم معاملة الجبارين؛ لأنكم قوم قساة غلاظ‍ عتاة متجبرون.

والخلاصة: أن اتخاذ الأبنية العالية يدل على حب العلو، واتخاذ المصانع يدل على حب البقاء، والجبارية تدل على حب التفرد بالعلو، فهم أحبوا العلو وبقاء العلو والتفرد بالعلو، وهذه صفات الإله، وهي ممتنعة الوصف للعبد، فدل ذلك على حب الدنيا، والخروج عن حد العبودية، والحوم حول ادعاء الربوبية.

وفي هذا تنبيه على أن حب الدنيا رأس كل خطيئة، وعنوان كل كفر ومعصية، لذا قال:

{فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ} أي فاحذروا عقاب الله، واعبدوا ربكم، وأطيعوا رسولكم، فذلك أدوم لكم وأنفع، إذ لا خلود لأحد في هذه الدنيا.

ثم ذكّرهم نعم الله عليهم تفصيلا، فقال:

{وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ، وَجَنّاتٍ وَعُيُونٍ} أي اتقوا عقاب الله الذي أمدكم بنعم وفيرة، ورزقكم أنواع الحيوانات المأكولة والأولاد الكثيرة، والبساتين الغنّاء والأنهار العذبة الفياضة، فاجعلوا مقابل هذه النعم عبادة الله الذي أنعم بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>