والبسملة في هذا الموضع آية قرآنية بإجماع العلماء، فيكفر منكرها هنا.
٦ - المشاورة أمر مطلوب في كل شيء عام أو خاص ما لم يكن سرا؛ لأنها تحقق نفعا ملحوظا للتوصل إلى أفضل الآراء وأصوبها، وخصوصا في الحروب والمصالحات وقضايا الأمة العامة، فإنه ما تشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمورهم وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم أكثر الناس مشاورة، قال الله له:{وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}[آل عمران ١٥٩/ ٣] إما استعانة بالآراء، وإما مداراة للأولياء، ومدح الله تعالى الفضلاء بقوله:{وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ}[الشورى ٣٨/ ٤٢].
والمشاورة نهج قديم، وبخاصة في الحرب، فهذه بلقيس امرأة جاهلية كانت تعبد الشمس قبل إسلامها:{قالَتْ: يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتّى تَشْهَدُونِ} قالت ذلك لتختبر عزمهم على مقاومة عدوهم، وحزمهم في أمرهم، ومدى طاعتهم لها. وكان في مشاورتهم وأخذ رأيهم عون على ما تريده، وربما كان في استبدادها مكمن الخطر والضعف والسقوط في النهاية.
وقد نجحت في هذه المشاورة، فسلّموا الأمر إلى نظرها، مع ما أظهروا لها من القوة والبأس والشدة:{وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي ماذا تَأْمُرِينَ} ثم وجّهتهم إلى مراعاة قوة الملوك وشدة بأسهم، حماية لهم وحفظا لبلادهم، وأن من عادتهم الإفساد والتخريب، والتدمير والإهلاك، والإذلال والإخراج من البلاد، وكذلك يفعل سليمان إذا دخل بلادنا.
٧ - كان من حسن نظر الملكة بلقيس وتدبيرها اختبار أمر سليمان بإرسال هدية عظيمة إليه، فإن كان نبيا لم يقبلها ولم يرض إلا اتباعهم على دينه، وإن كان ملكا قبل الهدية، وللهدية تأثير في كسب المودة والمحبة، واستلال الحقد والضغينة، وإنهاء الخصومة والمشاحنة.