للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَسَداً ثُمَّ أَنابَ، قالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهّابُ، فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ، وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنّاءٍ وَغَوّاصٍ} [ص ٣٤/ ٣٨ - ٣٧]، وقد اختار الرازي في تفسير هذه الآيات أن سليمان ابتلي بمرض شديد أضناه، أي أثقله حتى صار لشدة المرض كأنه جسد أو جسم بلا روح، ثم أناب أي رجع إلى الصحة.

واختار العلامة أبو السعود والألوسي في تفسير هذه الآيات ما ورد في الصحيحين مرفوعا: أنه-أي سليمان-قال: «لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، تأتي كل واحدة بفارس يجاهد في سبيل الله تعالى، ولم يقل: إن شاء الله، فطاف عليهن فلم تحمل إلا امرأة واحدة، جاءت بشق رجل، والذي نفسي بيده لو قال: إن شاء الله، لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون».

والمراد بالسبعين الكثرة وليس تمام العدد، كما هو المألوف في الاستعمال العربي والقرآني لكلمة (سبعين) مثل: {اِسْتَغْفِرْ لَهُمْ، أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ، إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} [التوبة ٨٠/ ٩] أي إن تستغفر لهم كثيرا.

وأما التفاسير الأخرى المشوبة بالأخلاط‍ والروايات الإسرائيلية فلم تصح ولا يعول عليها.

٦ - إسالة عين القطر (النحاس المذاب) له: أنعم الله على سليمان عليه السلام بتطويع النحاس المذاب له، لاستخدامه لتوثيق المباني العظيمة الضخمة ذات الحجارة الكبيرة، مثل الهيكل المعروف بهيكل سليمان، كما ذكر تعالى: {وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ، وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} [سبأ ١٢/ ٣٤].

٧ - تسخير الجنّ له: عدد الله تعالى في الآية السابقة في سورة سبأ النعم العظمى التي أنعم بها على سليمان عليه السلام، فقال: {وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>