{قالُوا: اِطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ} أي قال قومه بغلظة وشدة: لقد تشاءمنا منك وممن آمن معك ولم نر خيرا منكم؛ إذ تتابعت علينا الشدائد، ووقع بيننا الافتراق منذ اخترعتم دينكم، وكانوا لشقائهم لا يصاب أحد منهم بسوء إلا قالوا: هذا من قبل صالح وأصحابه. قال مجاهد: تشاءموا بهم.
وهذا كما قال الله تعالى إخبارا عن قوم فرعون:{فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا: لَنا هذِهِ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ}[الأعراف ١٣١/ ٧].
وسمي التشاؤم تطيرا من عادة العرب بزجر الطير أي رميه بحجر ونحوه، فإن تحول يمينا تفاءلوا، وسموه السانح، وإن اتجه يسارا تشاءموا وسموه البارح.
{قالَ: طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ} أي قال صالح: شؤمكم وتفاؤلكم وما يصيبكم من شر أو خير هو قدر الله أتاكم به، وهو مكتوب عند الله، والله يجازيكم على ذلك، فهو إن شاء رزقكم، وإن شاء حرمكم. وسمي القضاء والقدر طائرا لسرعة نزوله بالإنسان. وهذا كقوله تعالى:{وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا: هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا: هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ، قُلْ: كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ}[النساء ٧٨/ ٤].
{بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} أي بل إنكم قوم تختبرون بالطاعة والمعصية، حين أرسلني الله إليكم، فإن أطعتم أجزل الله لكم الثواب، وإن عصيتم حل بكم العقاب. وقال ابن كثير: والظاهر أن المراد بقوله: {تُفْتَنُونَ} أي تستدرجون فيما أنتم فيه من الضلال. وعلى أي حال، فإن القصد بيان أن سبب نزول الشر بهم هو عصيانهم.
ثم أخبر الله تعالى عن طغاة ثمود ورؤوسهم، وعن كون مدينة ثمود مرتع الفساد الكثير فقال: