للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالبعث، وتلك سنة الله في كل من كذب رسله، وسيعاقبكم بمثل عقابهم إن لم تبادروا إلى الإيمان بالله واليوم الآخر.

ثم سلّى الله نبيه صلّى الله عليه وسلم عن إعراضهم عن قوله ورسالته فقال: {وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ، وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمّا يَمْكُرُونَ} أي ولا تحزن يا محمد على إعراض هؤلاء المكذبين عن رسالتك، ولا تكن ضيق الصدر حزينا مكروبا مهموما من كيدهم وتآمرهم عليك، فإن الله مؤيدك وناصرك وعاصمك من الناس، ومظهر دينك على من خالفه وعانده في المشارق والمغارب.

ثم حكى الله تعالى إنكارا آخر من الكفار غير الساعة، وهو إنكار عذاب الله، فقال: {وَيَقُولُونَ: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} أي يقول هؤلاء المشركون في مكة وغيرهم في سؤالهم عن يوم القيامة واستبعادهم وقوع ذلك: متى وقت هذا العذاب الذي تعدنا به، إن كنتم أيها الرسول والمؤمنون به صادقين في ادعائكم وقولكم؟ يقولون ذلك على سبيل السخرية والاستهزاء.

فأجابهم الله تعالى بقوله:

{قُلْ: عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ} أي قل لهم يا محمد: عسى أن يكون ردفكم أي لحقكم وتبعكم واقترب منكم بعض ما تستعجلون وقوعه من العذاب، وهو القتل والعذاب والنكال يوم بدر. فقوله: {رَدِفَ لَكُمْ} أي ردفكم واللام زائدة، وقال ابن كثير: وإنما دخلت اللام في قوله:

{رَدِفَ لَكُمْ} لأنه ضمن معنى: عجل لكم، كما قال مجاهد في تفسير ذلك.

قال الزمخشري: عسى ولعل وسوف في وعد الملوك ووعيدهم يدل على صدق الأمر وجدّه، وما لا مجال للشك بعده، وإنما يعنون بذلك إظهار وقارهم، وأنهم لا يعجّلون بالانتقام؛ لإدلالهم بقهرهم وغلبتهم ووثوقهم أن عدوهم لا يفوتهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>