وأن الرمزة إلى الأغراض كافية من جهتهم، فعلى ذلك جرى وعد الله ووعيده (١).
ثم ذكر تعالى سبب تأخير العقاب، فقال:
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النّاسِ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ} أي وإن الله لهو المنعم المتفضل على الناس جميعا مؤمنهم وكافرهم حيث يسبغ إنعامه عليهم في الدنيا، مع ظلمهم لأنفسهم، ويترك معاجلتهم بالعقوبة على كفرهم ومعاصيهم، ولكنهم مع ذلك كله لا يشكره أكثرهم على فضله، ولا يشكره إلا القليل منهم.
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ} أي وإن ربك ليعلم الضمائر والسرائر، كما يعلم الظواهر، كما قال:{سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ}[الرعد ١٠/ ١٣] وقال: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى}[طه ٧/ ٢٠] والمراد أنه تعالى عالم بمكائد المشركين للرسول، وسيجازيهم على ذلك.
ثم أبان الله تعالى حقيقة شاخصة عامة وهي أن كل ما في الكون محفوظ في اللوح المحفوظ، فقال:
{وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ} أي وما من شيء غائب مخفي في السموات والأرضين إلا وهو موجود معلوم محفوظ في اللوح المحفوظ الذي أثبت فيه الله تعالى كل ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، فهو سبحانه عالم الغيب والشهادة وهو ما غاب عن العباد وما شاهدوه، وعالم غيب السموات والأرض من أمر الخلائق قاطبة، كما قال تعالى:{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ، إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ، إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ}[الحج ٧٠/ ٢٢] وقال حكاية عن لقمان: {يا بُنَيَّ، إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ، فَتَكُنْ}