للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله على نفسه الكريمة تكرما وتفضلا، كقوله تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام ٥٤/ ٦]. وفي هذا وعيد للكفار بالهزيمة ووعد وبشارة بالظفر للمؤمنين.

روى ابن أبي حاتم والطبراني والترمذي وابن مردويه عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ما من امرئ مسلم يردّ عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة» ثم تلا هذه الآية:

{وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}.

ثم أبان تعالى كيفية خلقه السحاب الذي ينزل منه الماء، فقال:

{اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ، فَتُثِيرُ سَحاباً، فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً} أي الله هو الذي يسير الرياح على وفق الحكمة ومقتضى الإرادة إلى الجهة المرادة، فتحرك السحاب وتهيجه بعد سكونه، فينشره في السماء ويجمعه ويكثره، فيجعل من القليل كثيرا، ثم يجعله قطعا متفرقة ذات أحجام متنوعة، فتارة يكون السحاب خفيفا، وتارة يأتي السحاب من جهة البحر مشبعا بالرطوبة، ثقيلا مملوءا بذرات الماء، كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، حَتّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً، سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ، فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ، فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ، كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأعراف ٥٧/ ٧].

{فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ، فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} أي فتنظر المطر أو القطر يخرج من وسط‍ ذلك السحاب، فإذا أصاب به الله بمشيئته بعض العباد والبلاد، فرحوا بنزوله عليهم ووصوله إليهم، لحاجتهم إليه. فقوله {مِنْ خِلالِهِ} الضمير عائد في الظاهر على السحاب؛ إذ هو المحدّث عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>