{وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ} أي ينزل عليهم هذا المطر بعد أن كانوا قبل نزوله قانطين يائسين من نزوله قبل ذلك، فكانت الفرحة شديدة التأثير في نفوسهم، لمفاجأتهم بالغيث الذي كادوا ييأسون من نزوله. وتكرار كلمة {قَبْلِهِ} أي قبل الإنزال للتأكيد.
ومجمل معنى الكلام: أنهم كانوا محتاجين إليه قبل نزوله، وكانوا قبل ذلك بفترات متفاوتة متقطعة يترقبونه فيها، فتأخر، ثم انتظروه مرة أخرى فتأخر، ثم جاءهم بغتة بعد الإياس منه والقنوط، فصارت أرضهم الهامدة منتعشة بالنبات من كل زوج بهيج.
{فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ، كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها} أي فانظر أيها الرسول ومن تبعك نظرة تأمل واستبصار واستدلال إلى المطر الذي هو أثر من آثار رحمة الله، كيف يكون سببا لإحياء النبات والزرع والأشجار والثمار، مما يدل على واسع رحمة الله وعظيم قدرته.
ثم نبّه الله تعالى بذلك على إحياء الأجساد بعد موتها وتفرقها وتمزقها، فقال:
{إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي إن الذي فعل ذلك لقادر على إحياء الأموات، أو من يقدر على إحياء الأرض بعد يبسها بالخضرة والنبات قادر على إحياء الموتى، والله وحده بالغ القدرة على كل شيء، فلا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، سواء في الابتداء أو في الإعادة، كما قال سبحانه:
ثم بيّن تعالى سوء حال الكافرين، وتنكرهم للمعروف والجميل، وعدم ثباتهم على منهج واحد، فتراهم يفرحون بالخير، ثم ييأسون وينقطع رجاؤهم من الخير إن تعرضوا لسوء، فقال: