للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسنة والسيئة أو المظلمة والخطيئة، لو كانت تساوي وزن أو مثقال حبة خردل، ولو كانت في أخفى مكان كجوف صخرة، أو في أعلى مكان كالسماوات، أو في أسفل موضع كباطن الأرض، لأحضرها الله يوم القيامة حين الحساب، ووزن الأعمال، والمجازاة عليها خيرا أو شرا، كما قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ‍ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ، فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً} [الأنبياء ٤٧/ ٢١] وقال سبحانه:

{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة ٧/ ٩٩ - ٨]. وقوله: {فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ} يراد به المبالغة والانتهاء في التفهيم.

إن الله لطيف العلم، يصل علمه إلى كل شيء خفي، فلا تخفى عليه الأشياء، وإن دقت ولطفت وتضاءلت، خبير عالم بكنه الأشياء، يعلم ظواهر الأمور وبواطنها.

والمقصود من الآية بيان سعة علم الله، فهو يعلم الغيب والشهادة، ويطلع على جميع أعمال عباده، لموافاتهم بجزائها يوم القيامة.

٢ - {يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ، وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ، إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} أي بعد أن منعه من الشرك، وخوفه بعلم الله وقدرته، أمره بصالح الأعمال اللازمة للتوحيد وهي الصلاة أي العبادة لوجه الله مخلصا، وإقامتها أي أداؤها كاملة بحدودها وفروضها وأوقاتها، وهي عماد الدين، ودليل الإيمان واليقين، ووسيلة القربى إلى الله وتحقيق رضوانه، كما أنها تساعد على اجتناب الفحشاء والمنكر، وصفاء النفس.

والأمر بالمعروف أي أمر النفس والغير بما هو معروف شرعا وعقلا، كمكارم الأخلاق، ومحاسن الأفعال، مما يهذب النفس ويدعو إلى التحضر والتمدن، كما قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها، وَقَدْ خابَ مَنْ دَسّاها} [الشمس ٩/ ٩١ - ١٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>