للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنهي عن المنكر، أي منع النفس والآخرين من المعاصي والمنكرات المحرّمة شرعا والقبيحة عقلا، والتي تغضب الله، وتوجب عذاب جهنم.

والصبر على الأذى والشدائد والأوامر الإلهية، فإن الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر يؤذى عادة، فطلب منه الصبر. وقد بدئت الوصايا بالصلاة؛ لأنها عماد الدين وختمت بالصبر؛ لأنه أساس المداومة على الطاعات، وعماد رضوان الله، كما قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [البقرة ٤٥/ ٢].

{إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} أي إن ذلك المذكور مما أمر الله به ونهى عنه، ومنه الصبر على أذى الناس، لمن الأمور الواجبة المعزومة، أي المقطوعة قطع إيجاب وإلزام (١)، ويكون المصدر «عزم» بمعنى المفعول.

وبعد أمره بما يكمل نفسه وغيره، نهى عن أشياء وحذر من أشياء، فقال:

١ - {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنّاسِ} أي لا تعرض بوجهك عن الناس إذا كلموك تكبرا واحتقارا، والمعنى: لا تتكبر فتحتقر عباد الله، ولا تتكلم وأنت معرض، بل كن متواضعا سهلا هينا لينا منبسط‍ الوجه، مستهل البشر، كما

جاء في الحديث النبوي الذي رواه مسلم عن أبي ذر الغفاري: «لا تحقرنّ من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط‍، وإياك وإسبال الإزار، فإنها من المخيلة، والمخيلة لا يحبها الله».

٢ - {وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ} أي لا تسر في الأرض مختالا بطرا متبخترا، جبارا عنيدا، فإن تلك المشية يبغضها، والله يكره كل مختال معجب في نفسه، فخور على غيره، كما قال تعالى:

{وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً، إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ، وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً}


(١) ومنه الحديث: «لا صيام لمن لم يعزم الصيام من الليل» أي لم يقطعه بالنية، ومنه الحديث الآخر: «إن الله يحب أن يؤخذ برخصة، كما يحب أن يؤخذ بعزائمه».

<<  <  ج: ص:  >  >>