{قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى}[النساء ٧٧/ ٤]. قال الربيع بن خيثمة: وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه، أي إن فررتم من الموت أو القتل لا ينفعكم الفرار؛ لأن مجيء الأجل لا بدّ منه.
ثم أبان الله تعالى ما تقدم معرّفا لهم قدرته الكاملة عليهم، فقال:
{قُلْ: مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً} أي وقل لهم أيضا أيها الرسول: لا أحد يستطيع أن يمنعكم من مراد الله بكم، أو دفع السوء عنكم إذا قدره الله عليكم، أو تحقيق النفع والخير إذا أراده لكم. وقوله:
{أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً} معناه: أو يصيبكم بسوء إن أراد بكم رحمة، فاختصر الكلام. وقوله:{سُوءاً} أي هلاكا، وقوله:{رَحْمَةً} أي خيرا ونصرا وعافية.
وأكد هذا بقوله:
{وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً} أي ولا يجد هؤلاء المنافقون ومؤيدوهم من ضعفاء العقيدة ولا غيرهم مجيرا ولا مغيثا ولا نصيرا ينصرهم أو يشفع لهم.
ثم حذرهم بدوام علمه بالخائنين، فقال:
{قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ: هَلُمَّ إِلَيْنا} قد: هنا للتحقيق وليس للتقليل، والمعنى: إن الله ليعلم علما محيطا شاملا الذين يثبطون المسلمين عن شهود الحرب، تخذيلا ونفاقا، ويعلم القائلين لأصحابهم وخلطائهم من أهل المدينة: تعالوا إلى ما نحن فيه من الإقامة في الظلال والثمار، وقرّبوا أنفسكم إلينا، واتركوا محمدا والحرب معه. وهلّم: لغة أهل الحجاز، يسوّون فيه بين الواحد والجماعة، وأما تميم فيقولون: هلم يا رجل، وهلموا يا رجال، وهلمن يا نساء. والذي عليه النحويون أن هلم ليس صوتا، وإنما هو مركب مختلف في