للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفضائل والكرامة فحظّه فيه أكثر، وما كان من جانب النقائص فجانبه عنها أظهر، فجوز لنا نكاح الحرائر من الكتابيات، وقصر هو لجلالته على المؤمنات، وإذا كان لا يحلّ له من لم يهاجر لنقصان فضل الهجرة، فأحرى ألا تحلّ له الكتابية الحرة، لنقصان الكفر (١).

أما لو وهبت امرأة نفسها لرجل غير النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهي المفوّضة، وجب عليه لها مهر مثلها بالدخول أو بالموت،

وقد حكم بذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بروع بنت واشق، لما فوضت نفسها، ومات عنها زوجها، فقضى لها بصداق مثلها.

ثم أكد تعالى مضمون جملة {خالِصَةً لَكَ.}. ببيان مغايرة أحكامه صلّى الله عليه وسلّم لأحكام المؤمنين أحيانا، فقال:

{قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ، لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ، وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً} أي إن ما ذكر حكمك أيها الرسول مع نسائك، وأما حكم أمتك مع نسائهم، فعندنا علمه، نبينه لهم على حسب مقتضى الحكمة والمصلحة، والمعنى: قد علم الله ما فرض من أحكام وشرائط‍ وقيود في شأن أزواج المؤمنين والمملوكات، مما فيه صلاحهم وجعلهم غير النبي صلّى الله عليه وسلّم في تلك الأحكام، من حصرهم في أربع نسوة حرائر، وما شاؤوا من الإماء المؤمنات والكتابيات غير الوثنيات والمجوسيات، وعدم إباحة الزواج لهم بلفظ‍ الهبة، واشتراط‍ الولي والمهر والشهود.

وهذه جملة اعتراضية تؤكد ما سلف وتبينه، ثم ذكر تعالى علة اختصاصه صلّى الله عليه وسلّم ببعض الأحكام مثلما تقدم، وهو أننا أبحنا أو أحللنا لك ما ذكر من النساء والمملوكات والأقارب والواهبة، لندفع عنك الضيق والمشقة التي تلحقك، وتتفرغ لتبليغ الرسالة، وكان الله وما يزال غفورا لك وللمؤمنين


(١) أحكام القرآن: ١٥٤٧/ ٣

<<  <  ج: ص:  >  >>